برمجد عرض باذخ الفنية رغم ضعف الامكانات بقلم الدكتور / موسى نجيب موسى
تلبية
لدعوة كريمة من المناضل المسرحي الكبير عمنا الفنان الرااقي حمدي طلبة ( اللى
بيعمل فعلا من الفسيخ شربات ) حضرت عرض بر مجد لفرقة بنى مزار المسرحية والحق
يقال وقفت منبهرا من روعة وجمال
العرض رغم الامكانات الضعيفة التى تسمح
بها ميزانية قصور الثقافة ورغم فقر المسرح الذى تم عليه العرض المسرحي المائز ...
بر مجد نص للمؤلف الجميل المبدع اسلام فرغلي وأيضا هو مؤلف اغاني المسرحية وهو نص
مسرحي ثري ومكتوب بحرفية عالية وخاصة النقلات الكثيرة التى كانت تتطلبها الحبكة
الدرامية للمسرحية بداية من لوحة البداية والتى عرض فيها للتاريخ الفرعوني للبهنسا
مرورا بالتاريخ الاسلامي والقبطي لذات المنطقة .. بر مجد تعنى صولجان الذهب او الاسم القديم للبهنسا وقد عري
اسلام فرغلي نفوس ابطال مسرحيته من خلال بطلة العرض ( حور ) أو حورية ( الفنانة ميساء عبد الرحمن ) وهى كانت حقا حورية
العرض شكلا وموضوعا وتمثلت التعرية فى كشف سوءات وعورات نفوس مريضة بالطمع والجشع مثل فؤاد فيظي( الفنان الكبير
محمود الشوكي) كبير البهنسا وسالم
الانصاري ( الفنان جو حنا) الذى كان يطمع فى
الأخذ بثأر أبنه من فؤاد ومطاريد الجبل الذين قلتوه غدرذات ليلة والقوا به فى بحر يوسف الذي يمر بالبهنسا كذلك
شخصية فتحي اللوعبي ( الفنان خالد شعبان) التى اجاد اسلام فرغلي فى رسمها تلك الشخصية
الموجودة فى كل زمان ومكان وكل مجتمع الشخصية
الجشعة التى تبيع كل شئ من أجل المال وجاء مشهد النهاية مرعبا وحقيقيا لمصير هؤلاء
الطماعين وهو انهم قتلوا بعضهم البعض متناسين ان الطمع والجشع قتلهم قبل ان يتقاتلوا
... اما إسماعيل الخباز والذى اجاد فى اداءه المبدع الجميل عبد الوهاب الخزاعي فهو
صوت الحكمة الذي كان يرشد البطل لطريقه وصوت العقل والضمير الحي الذي كان يوقظ
داخلنا دائما النخوة والمروءة وضرورة السعي الى الحق والوصول اليه والحصول عليه إسماعيل
الخباز الذي كان يصنع الخبز لا لكى يتربح
منه بل لكى يشبع الجوعى فالشئ الذي كان يكرهه سليمان طيلة حياته هو الجوع ... أما
صاحب الحق وبطل العرض باداءه المدهش نور أو الفنان ( معتز رضا) فقد اجاد فى رسم
شخصية الثوري الذى يبحث عن حقه من الظلمة وأصحاب الجبروت وأصحاب المال والجاه وهو
الفقير الذي يمتلك بيتا فقيرًا به مقام سيدي الإدريسي ويطمع فؤاد الفيظي فى هذا
البيت لما يدور حوله من وجود سرداب اسفله به مقبرة فرعونية مليئة بالكنوز والذهب
واود أن الفت النظر هنا الى عبقرية ودلالة استخدام الاسماء داخل النص وتوظيفها
فنور صاحب الحق هو طاقة النور الحقيقية التى تنفجر فى وجه الظلمة والظلم والجبروت
وحور تلك الحورية من الجنة التى تساعد نور
فى الوصول الى حقه وتكشف عوارت النفوس المريضة وفؤاد بقلبه الملئ بالكره والحقد
نحو الفقراء وفتحى اللعبي الذى يلعب مع الجميع من اجل مصلحته ومن اجل المال وسالم
الانصاري الذي كان مسالما حتى مات ابنه وضل طريقه واعمي قلبه آفة الأخذ بثأر أبنه
ساري ... نجح المؤلف اسلام فرغلي فى تضفير هذه التوليفة
المتداخلة والمتعارضة من النفوس المريضة والخيرة فى عمل فنى متكامل رسم من خلاله
صورة مصغرة لمصر متمثلة فى منظقة البهنسا بكل عصورها الفرعونية والقبطية والاسلامية فى
نسيج فنى متماسك وقوى وان كان لى ملحوظة وحيدة على النص فهى الامعان فى رصد مدى
خراب نفسية بطل العرض فؤاد الفيظي ( الفنان محمود الشوكي) وأنه مازوخي او ماشوسي اى من الشواذ الذين يتلذذون
بالتعذيب بالضرب الكرباج كان يكفي قتله لامه وكان يكفي أنه ابن لقيط وابن حرام
وكان يكفيه ان قاتل ويؤجر الناس ويحرضهم على القتل كل ذلك كان كافيا لرصد نفسه
المسكونة بالمرض والكره والحقد والطمع .... أما المخرج المساعد الجميل إبرام نصر
فبصماته واضحه وخاصة فى حركة الممثلين بين المناظر المسرحية وسهولة الانتقال من
ديكور الي ديكور المنظر التالى فى ثوان معدودات كذلك يتضح مجهوده فى مساعدة
المملثين على سهولة الحركة فى الدخول والخروج على المسرح وواضح انه كان له دروا
كبير فى بروفات المسرحية أثناء الإعداد لها ... اما عناصر الإبهار المسرحي الأخري
فحدث عنها ولاحرج من ديكور بسيط موحي بالفترة الزمنية التى تدور فيها أحداث
المسرحية واعتقد انها فترة الاربعينيات من
القرن المنصرم وكان الديكور معبرا عن
البيئة التى تدور فيها الاحداث منطقة البهنسا فى صعيد مصر وتحديدا بمركز بنى مزار
محافظة المنيا ... كذلك الإضاءة كانت موفقة جدا وموظفة لصالح النص بطريقة مبهرة
ولافتة للنظر والموسيقي كانت معبرة فى
أحيان كثيرا ورصدت حالة من التصوف غلفت معظم
مناظر العرض المسرحي وخاصة عند الحديث عن مقام الادريسي والنفوس الطيبة
التى يشع منها نور الحق ... والملابس كانت معبرة ايضا عن شخصيات العرض بصورة كبيرة
ومعبرة عن الحقبة الزمنية التى دارت فيها أحداث المسرحية ... أخيرا وليس بأخر نأتي الى المايسترو المخلص
للمسرح صانع البهجة العبقرى حمدي طلبة التى تشرق شمس فنه من الصعيد وتصل الى كل
بقاع العالم هذا الرجل الذي قهر الصعاب وتحدى الامكانات وقدم لنا كهدنا به دائما
عرضا مبهرا باذخ الفنية سواء من حيث الموضوع او أداء المملثين على المسرح او
الديكور والموسيقي وجميع عناصر العرض المسرحي المزدحم بكل جماليات الفن المسرحي
الحقيقي ولو حصل هذا الرجل على ربع امكانات مسارح كثيره منها على سبيل المثال مسرح
مصر لقدم لنا مسرحا مصريا خالصا وحقيقيا وداما يجعلنا الفنان العالمي الكبير حمدي
طلبة نقف أمام عروضه المسرحية فاغرين افوهنا من فرط الدهشة والإعجاب بما يقدمه من
مسرح حقيقي يستحق الالتفات إليه والاهتمام به تحية لجميع الفنانين الذين ساهموا فى
هذا العرض المسرحي الكبير وحتى نلتقي معهم فى عرض قادم إن شاء الله نكون فيه على
موعد مع الدهشة الفنية والاعجاب بما يقدموه من فن حقيقي .












تعليقات
إرسال تعليق
أهلا ومرحبا بكم زائرنا الكريم نتمنى ان يكون محتوى المجلة قد نال إعجابك نشكرك ونتمنى زيارتنا مرة أخرى
الأديب الدكتور
موسى نجيب موسى