تزوجني بلا مهر للكاتبة اللبنانية / زينب عبد الباقي
شخص سخيف + عنوان مثير+ لوحة مفاتيح = هاشتاج ينتشر ..
بدون تفكير بالعواقب والأضرار
هذه المعادلة الهشّة هي التي
تتحكّم بأدمغة البشر اليوم إلى درجة أنها بدأت تصبح ظاهرة عامّة يكاد لا ينجو منها
أحد ..
والهدف هذه المرّة كان: الفتاة اللّبنانيّة التي قدّمها الهاشتاج على أنّها فتاة رضخت للضّغوطات
الاقتصاديّة ويئست مما يحيط بها إلى درجة أنّها نزلت إلى الشّارع وصرخت لعابر
السّبيل :" تزوّجني بلا مهر " ..
وبسرعة سريان النّار في الهشيم،
انتشر الهاشتاج، وبدأ يُنشر على صفحات التّواصل الاجتماعي على سبيل الدّعابة
السّمجة والنّكتة التي لا تُستساغ فنشرها التّافهون من الرّجال
متفكّهين وعمّمتها النّساء الحانقات متشفيّات. أمّا الصّبايا اللّبنانيّات فلم يكن
لهنّ يد لا بالحملة ولا بالهاشتاج ولا بالرّدّ من الأساس لأنّ اللّبنانيّة اليوم مشغولة بما هو أكبر وأهمّ
، مشغولة بقضيّة وطن، بمصير عائلة فيها الزّوج والابن، الأخ والأب وعليها
واجب الحماية والمحافظة على كرامة وطن، والبقاء ثابتة على
درب التّطوّر الذي كانت تبنيه يداها قبل أن يحصل في لبنان ما حصل.
صمتت اللّبنانيّات وتحرّك
الغيارى، أصحاب الذّمم الشّريفة والقلوب الصّادقة من غير اللّبنانيين ، من
الأشقّاء العرب ، من الذين تعرّفنا إليهم في مؤتمرات جمعتنا ولقاءات قرّبت بيننا .
أولئك الذين كانت لنا معهم تجارب شخصيّة منها كأن يقولوا لي مثلًا : تشبهين نساءنا ، لم نكن لنعرف أنّك لبنانيّة لو لم تقولي
، فيدهشهم ردّي بأنّ نساء بلادي مثلي وأنّ سفيرات البوتوكس والفيلر لسن إلا فتيات اخترن
عالم الموضة والتّباهي والعمل في دائرة الضّوء لذلك
كانت هذه الأدوات أدواتهنّ تمامًا كما هي أدوات غير اللّبنانيّات
( والامثلة كثيرة : أبرزها النّقد الذي طال الممثلات السّوريّات بأنهنّ بتن لا يصلحن للتّمثيل في المسلسلات التي تتحدث عن
الشّام القديمة لأنّ كلّهن صرن نسخة واحدة بشفاه
منتفخة وحواجب موشومة .. وهناك الكثير من الأمثلة التي تمتدّ من أقصى عالمنا
العربيّ إلى أقصاه ، ومن
يخالفني فليدلّني على فنّانة لم يمسّ وجهها مبضع جرّاح او .. إبرة
خبير تجميل)
تحرّك الغيارى فتابعوا "
التّرند " ثم خرجوا بنتيجة تقول :" إنّ اللّبنانيّات
لا علاقة لهنّ بما يُشاع ، فما من صبيّة ضعفت أمام الحالة الاقتصاديّة وليست هناك امرأة
قالت ما تضمّنه التّرند .. ولم يكن هناك أساس من الصّحّة لهذا الخبر في كلّ
الأحوال ، إنّه بكلّ بساطة مزحة قام بها العابثون
وحامت حولها الشّائعات حتى صوّرت المرأة اللّبنانيّة لاهثة خلف الزّواج مهما كان
الثّمن".
هؤلاء الغيارى، قاموا بما كان
علينا القيام به فأعلنوا للعالم أنّ المرأة اللّبنانيّة هي العصاميّة
الكادحة ، المتعلّمة الواعية ، العميقة اللّطيفة ، التي إن اهتمّت بجمالها فلِكي
تشعر بالرّضى لنفسها وليس لإرضاء رجل بذاته أو عالم الرّجال. وإن فكّرت
بالزّواج فلأنّها تراه مؤسّسة تنتج فيها عقولاً يفخر بها الكون وتنير بإنجازاتها
الدّنيا ، وليس نهاية سعيدة لامرأة تريد أن تكمل حياتها بين الجدران مستمعة
للثّرثرات وحكايا القدامى.
المرأة اللّبنانيّة هي التي
أنجبت وربّت رجالًا علّموا الكون معنى المقاومة، ووزّعت في كلّ بقاع الدّنيا شبّاناً أدهشوا العالم بطاقاتهم وقدراتهم
ونالوا التّقدير والاحترام أينما حلّوا ، وهي تساند الرّجل الذي تحبّه فتكون له نعم الصّديقة والأخت والامّ والزّوجة ،
فلا تسأل معه عن مال ولا رأسمال لكنّها لا ترضى أن تغادر بيت أهلها إلا أميرة مرفوعة الرّأس ، غالية . يقدّم لها ما تستحقّ . فتعامله طيلة حياتها بما يستحقّ . تمسك بيده وتكمل الدّرب معه بلا
حساب حين يجمعهما بيت ولا ترى في ذلك أيّ حرج ، لكن ..
أن تصرخ قائلة :" تزوّجني بلا مهر ... فهذا ما لا يمكن ولن يمكن أن يحصل
ابدًا .
الغيارى هؤلاء هم الذين دافعوا
عن المرأة اللّبنانيّة وقالوا كلمتهم .. وعرّفوها كما عرفوها .
هؤلاء الغيارى هم أبناء لأمّهات عظيمات وأخوة لأخوات رائعات ويعرفون العيب والشّرف والنبل .
هؤلاء ، أخوتنا في العروبة ،
كانوا خلف ظهورنا سيوفًا تقطع رأس المعتدي فأتوا بالبيّنة و أظهروا الحقّ وأعلنوا للعالم أجمع أن اللّبنانيّة أكبر وأعظم و أجلّ مما يعتقدون .
لهؤلاء أقول :" دمتم لنا
نبضًا وقلبًا وسندًا .. لبنان بكم يسمو . . وبناتنا في حماكم يشعرن بالأمان ... بوركت رجولتكم ، حللتم في قلوبنا أهلًا .. وعشتم في عيوننا كحلًا .. عشتم وعاشت نساؤكم سيّدات
النّساء

تعليقات
إرسال تعليق
أهلا ومرحبا بكم زائرنا الكريم نتمنى ان يكون محتوى المجلة قد نال إعجابك نشكرك ونتمنى زيارتنا مرة أخرى
الأديب الدكتور
موسى نجيب موسى