قصة قصيرة بعنوان حذار من الشفقة للأديبة / ليلى الشاذلي

 

من نعومة أظافري واجتهد مبكرا جدا لأثني عجرفة أرضي الواسعة ، معذرة .. أقصد أرضنا التي ورثناها أنا وأخي الكبير عن أبي المسن بعدما استنزفت كل شبابه وطاقته ونحن نتذوق باكورة ثمرها الشهي . بتقوس ظهر أبي اقتنص يد أخي اليمنى من بين ألعاب الصبية في الشارع ، شمر له يديه ليجني أبي الثمار مستندا لعكازه ، يحثه تباعا ليهرول بقدميه هنا وهناك ، بمجرد أن يغفل أبي عنه ينتهي إلى مقعد المقهى ليستمتع بألعاب القمار البرئ ، يعرج أبي بعكازه خلفه مبعثرا ألعابه صارخا . صدقت نبوءة الغجرية لما قالت الولد الذي تنجبه في الكبر لن تأكل من خيره . فلق العكاز راس أخي الذي احتمى بحضن أمي مولولا ، نصبت قامته بين ذراعيها حائرة ؛ لترسخ في عقله أن كل ما يفعله أبوه لمصلحتهم جميعا ، لأول مرة أرى عجز أبي ، فشلت فهم ما يدور برأس أخي الكبير ، يخطط أبي بعكازه كمن يسجل أمنيته . _ يارب بطنك تكون قلابة .. نجوت بأخي الكبير من بين أمواج الغربة المتلاطمة ، شعرت بالراحة توا ، منحته رونق البسمة التي نهبتها من روح أبي الطاهرة ، اقتسمت رغيف الخبز الذي أنضجته على يدي ، نفضت كل مخاوف زوجتي وأوهامها ، انبهرت حقا بعودة أخي . _ الارض تحتفل بعودتك .. أنصت .. الثمر يطرح أغاني . - حصل .. س .. ا .. م .. ع . يمشي الأخ الصغير منبهرا كمن اقتحم عالم الحكايات المدهشة بالصدفة ، بينما الأخ الكبير ظهر كمن يتسلق جبلا وعرا ، يتقدم ويتأخر مرتبكا ، أخرج خنجرا من بين الثياب التي أعطاها له أخيه وطعنه من خلف .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة قصيرة بعنوان ( إحساسي مات ... مات ) للأديب الدكتور /موسى نجيب موسى

مسئولية طلبة الجامعة نحو البيئة بقلم أ.د/ راندا مصطفي الديب أستاذ تخصص أصول تربية الطفل بكلية التربية جامعة طنطا