قصة قصيرة بعنوان يومئذ تحدث أخبارها بقلم الأديبة / ليلى الشاذلي


 

 _ يا الله .. اسكن أمي فسيح جناتك تنحيت عن مقعدي بمجرد حضور أخي وسط اللجنة فنحن كما يعتقد خالي الطرف المهمل ، تمت دعوتي خفية من أحدهم ، يسلسلني الحنين ؛ فافترشت ظل النخلة الخضراوية المتهدلة عمدا ، عمرها تجاوز سبعة عقود ، استلذ أخوالي كلهم طعم البلح الذي ابتاعوه بقناديل ذرة ، داعب أكبرهم طفولة امي . _ يا أختي .. النواة التي تزرعها البنت .. تطرح نخلتها بلحا . أربت على أرض عفية تهاجمها علب الأسمنت إلا أنها ما تزال تلبس ثوب الحداد على روح أمي الطاهرة ما يزيد على بضع سنوات متصلة ، أخطط بعود حطب حزينة ، ارتعب الجد الاكبر من مشاركة أبناء عمومته الذين رصدوا عجزه ويأسه من إنجاب ذكر ، استفزه تنمرهم من لون وحيدته دميمة الوجه صافية النية ، وثق زمام ممتلكاته باسمها بعقود مسجلة . استراح جدي هنا حين كانت النخلة الخضراوية غيبا ، غلبه النعاس ، وقف اخوه افطس الملامح في مواجهته شاهرا شومته ، اقتحم الشيطان رأسه من كل منفذ ، تحركه الغيرة العمياء على زوجته بارعة الحسن ، كاد يقتل أخيه بثورة الشك الغبي . _ هو .. هو انت صاح ... صاحي - اقسم بالله العظيم رفعة شومتك برصاصة تبيت في رأسك . ضمت أمي حضنها علي وأخي واخواتي ، تربت على طفولتنا بحنان رائع ، اشعرتني انها ترتأ طفولتها المهمشة خلسة ، حيث اليوم الذي أنهى فيه جدي مدة العقوبة المؤبدة كان نفسه يوم زواجها من أبي ،روحها مبتسمة دائما إنما حزينة . _ لو بتحبوني بجد .. يبقى كل واحد يحب أخيه قبل ما يفكر في نفسه . انطفأت بهجة أمي بموت جدي قبل ولادتي المتعسرة ، كم اوغر صدرها طموح أبي ، تمزقت فعلا بين أنانية أخ شقيق وسطوة إخوة غير أشقاء . _ يا أمي اصابك الفقر .. والمرض .. والحال يفضل طول العمر على ماهو عليه . - أربعون سنة ومش عارفة اتخذ القرار . أتأمل النخلة الخضراوية المتهدلة ، علب الأسمنت المتحركة تجاهنا بسرعة ، أتناظر وأخي ؛ أيقنت أنني لازلت ارتع في حضن أمي ، ضممتها لصدري .. ضممتني هي ، بينما خالي يرنو يأسا بين كل الوجوه ، فانهار أسفل حمل أنانيته الضخم .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصة قصيرة بعنوان ( إحساسي مات ... مات ) للأديب الدكتور /موسى نجيب موسى

مسئولية طلبة الجامعة نحو البيئة بقلم أ.د/ راندا مصطفي الديب أستاذ تخصص أصول تربية الطفل بكلية التربية جامعة طنطا