قصة للأطفال بعنوان (فى بيتنا واء ) للأديب / السيد شليل
كثيرًا مَا تَمَنَّيْتُ مِنَ اللهِ أَنْ يَرْزُقَنَا بِأُخْتٍ، أَلَعَبَ مَعَهَا أَمِشْطَ شِعْرِهَا، أَنَتَّقِي مَلَاَبِسَهَا وَأُذَاكِرُ لَهَا دُرُوسُهَا، أَطَعِمَهَا بِيَدِيٍّ وَأُشَارِكُهَا أَلُعَابَهَا حَتَّى تَكَبُّرٍ، وَتُشَارِكُنِي سَرِيرِيٌّ وَ أَلْعَابِيٌّ، حَتَّى مَلَاَبِسِيِّ الَّتِي لَمْ تَعُدْ تُنَاسِبُنِي!
وَقَفَتْ فِي نَافِذَةُ غُرْفَتِي الْمُطِلَّةِ عَلَى الزُّروعِ الْخَضْرَاءِ، وَالسَّمَاءَ الصَّافِيَةَ وَرَفَعَتْ يَدِيٌّ بِالدُّعَاءِ، إِلَى اللهِ بَعْدَ أَنْ تَشَاجَرَتْ مَعَ أَخِي عَلَاءٍ بِسَبَبِ أَلْعَابِي، الَّتِي يُرِيدُ أَنْ يَحْتَفِظَ وَيَلْعَبُ بِهَا وَحْدُهُ وَقَلَّتْ:
عَلَى صَوْتِ شِجَارٍ وَبُكَاءِ قَلَّتْ لِلسَّمَاءِ دُعَاءً
يَا رُبَّ اُرْزُقْنَا بالواء أُخْتًا وَاِسْمِيَّهَا هَنَاءً
لَهَا نَفْسُ شِعْرِي الْأسْوَدِ وَصَفَاءِ الْبَشَرَةِ الْبَيْضَاءِ
أَصَنْعٌ لَهَا ضَفِيرَةُ طَوِيلَةُ وَأُزَيِّنُهَا بِشَرَائِطِ حَمْرَاءِ
وَغَمَّازَتَيْنِ مَحْفُورَتَيْنِ عَلَى الْخَدَّيْنِ عَنْدَمًا تَضْحَكُ
تُضَاءُ بِهُمَا السَّمَاءُ!
يَا رُبَّ اِحْفَظْ لِي أُخْتِيُّ سِتِّ الْبُنَّاتِ الْأَميرَةِ هَنَاءً ثُمَّ فَعَلًّ عَلَاءَ مِثْلِي عَنْدَمًا وَقَفَ أَمَامَ الْمِرْآةِ وَقَالٍ:
وَأَنَا أُرِيدُهُ وَلَدًا يَلْعَبُ مَعْي بِالْكُرَةِ، وَيُقَاسِمُنِي كُلُّ شَيْءِ يُكْبِرُ وَيُذْهِبُ مَعْي إِلَى الْمَدْرَسَةِ، وَاِسْمِيَّهُ بَهَاءً ثُمَّ رَفْعُ يَدِيِّهِ وَتَوَجُّهٍ إِلَى السَّمَاءِ وَكَرَّرَ مَا دَعْوَتِهِ مَعَ اِخْتِلَاَفِ بَسيطِ:
عَلَى صَوْتِ عِرَاكٍ وَبُكَاءِ قَالٍ لِلسَّمَاءِ عَلَاءً
يَا رُبَّ اُرْزُقْنَا بالواء أَخًا وَاِسْمِيَّهُ بَهَاءً
لَهُ نَفْسُ شِعْرِي الْأسْوَدِ وَصَفَاءِ الْبَشَرَةِ الْبَيْضَاءِ
يَمْتَازُ بِطَابِعٍ مِنَ الْحُسْنِ يُضْفِي لِلْوَجْهِ بَهَاءً
وَغَمَّازَتَيْنِ مَحْفُورَتَيْنِ عَلَى الْخَدَّيْنِ عَنْدَمًا يَضْحَكُ
تُضَاءُ بِهُمَا السَّمَاءُ
يَا رُبَّ اِحْفَظْ لِي أَخِي الْبُرْنُسِ بَهَاءً.
قَلَّتْ لَهُ لِنَتَخَيَّلُ أَنَّ فِي بَيْتِنَا أُخْتًا فَرَدَّ: لَا لَا
أُرِيدُ وَلَدًا
قَلَّتْ: الْمُهِمُّ أَنْ نَتَخَيَّلَ كَيْفَ يَمِّكُنَّ أَنْ تَكُونَ حَيَّاتُنَا، فَإذاً وَجَدْنَاهَا مُسْتَقِرَّةً وَهَادِئَةً، دَعَوْنَا اللهَ بِأَنْ يَرْزُقَنَا وَيُحَقِّقُ لَنَا أحْلَاَمُنَا وَإِذَا شَعَّرَنَا بِتَعَبٍ وَقَلَقٍ، حَمِدْنَاهُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ نَعَمْ
وَكَالْعَادَةِ تُعَارِكُنَا أَيْضًا، لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَبْدَأَ أَوَّلَا فَوَافَقَتْ وَأَمْرِيٌّ إِلَى اللهِ
بَيْنَمَا كُنْتُ فِي غُرْفَتِي بَيْنَ أَلْعَابِيٍّ، أَمْتَطِي حَصَانِيَّ الْجَلْدِ أَحَرَّكَهُ للأمام فَيَرْتَفِعُ بِي لِلْأعْلَى، ثُمَّ يُهْبِطُ فِي هُدُوءٍ وَإِذْ بِصَوْتِ بُكَاءٍ يَتَهَادَى إِلَى مَسَامِعِيِّ مِنْ غُرْفَةٍ أَبِي، أَظَنَّهُ أَخِي بَهَاءٍ وَقَدْ شَعَّرَ بِالْجُوعِ، بَيْنَمَا أُمِّيُّ فِي الْمَطْبَخِ تَجَهُّزٌ لَهُ الْغِذَاءُ، فَدَخَّلَتْ إِلَى
سَرِيرُهُ الصَّغِيرُ وَحَرَكَتُهُ حَتَّى يَسْكُتُ، حَتَّى جَاءَتْ أُمِّيٌّ وَهِي تَجَرِيٌّ وَحَمْلَتُهُ وَبَدَّلَتْ حِفَاظَتُهُ، وَعَنْدَمَا سَألَتِهَا عَنِ الطَّعَامِ أَشَارَتْ بِسَبَّابَتِهَا نَاحِيَةَ فَمِهَا هشششش حَتَّى يَنَامُ!
دَخِلَتْ غُرْفَتُي وَحَاوَلَتِ اِسْتِذْكَارُ دُرُوسِي، وَلَكِنَّ الْبُكَاءَ وَالْجُوعَ أَفَقَدَانِي أَيُّ تَرْكِيزٍ، كَانَتْ أُمِّيُّ مازالت تُحَاوِلُ إِسْكَاتُهُ، وَرَاحَتْ تُغَنِّي لَهُ( هُوَ ننَا نَامٍ يَا طَيْرِ السُّلَّامِ) وَوَضَّعَتْهُ فِي سَرِيرِهِ الْهُزَّازَ، وَطَلِبَتْ مَنِّيٌّ أَنَّ أَظِلَّ أَحَرَّكَهُ بِهُدُوءٍ حَتَّى تَسْتَطِيعُ أَنَّ تَجَهُّزَ لَنَا الطَّعَامُ، وَمَا إِنَّ تَرْكَتَهُ وَدَخِلَتِ الْمَطْبَخُ حَتَّى عَاوَدَ الصُّرَّاخُ، فَلَحِقَتْ بِهِ أُمِّيٌّ وَهِي تَحَمُّلُ رُضَّعَتِهِ، وَبَدَأَتْ فِي إِطْعَامِهِ وَدَخِلَتْ حَجَرَتُي أَحَاوَلَ أَنْ أُلَعِّبَ بِالْكُرَةِ، وَالْمُكَعَّبَاتِ حَتَّى أَتَغَلُّبٌ عَلَى جُوعِيٍّ، وَمَعَ صَوْتِ غَلَقِ الْبَابِ تَيَقَّنَتْ مِنْ عَوْدَةٍ أَبِي مَنْ عَمَلِهِ، فَجَرَّيْتُ عَلَيْهِ كَعَادَتِي وَلَكِنَّهُ لَمْ يَنْتَبِهْ لِي وَدَخْلَ غُرْفَةِ بَهَاءٍ، وَأَمَسُّكَ بِالسَّرِيرِ وَرَاحَ يَهِزُّهُ وَيُدَاعِبُهُ وَيُغَنِّي لَهُ حَتَّى كَفِّ الْآنَ فَقَطْ عَنِ الْبُكَاءِ
حَرَّكَتْهُ بِقُوَّةٍ حَتَّى اِسْتَفَاقَ وَهُوَ يُرَدِّدُ: أَنَا جَائِعُ جَائِعُ
أَمَّا أَنَا فَسَأَكُونُ فِي غُرْفَتِي، بَيْنَمَا أُمِّيُّ تُجْلِسُ إِلَى جِوَارِ سَرِيرِ هَنَاءٍ، تُحَرِّكُهُ حَتَّى تَنَامٍ وَعَنْدَمًا تُشْعِرُ بِحَرَكَتِهَا وَهِي تَبْتَعِدُ عَنْهَا تَبْكِي، فَتَحْمِلُهَا مِنْ جَديدٍ وَتَبْدَأُ فِي إِرْضَاعِهَا، وَعَنْدَمَا تَكَبُّرٍ وَتَبْدَأُ فِي الحبو وَالْكَلَاَمَ، أُشِيرُ إِلَيْهَا فَتَأْتِينِي وَتَنْطِقُ بَاسِمِيُّ أَرَّاهَا تَكَبُّرُ أمَامِيُّ، وآخذها لِسَرِيرِيِّ أُعْطِيهَا مِنْ مُلَاَبَسِيٍّ، أَصْفُفْ شِعْرَهَا وَأَرْبِطُ لَهَا الفيونكات، وَتُلَعِّبُ بِأَلْوَانِيٍّ وَتَرْوِي مَعْي زَرْعِي، عَادَ الْآنَ أَبِي وَهُوَ يَحْمِلُ لِعَبَّةٍ، ظَنَنْتُهَا بِالتَّأْكِيدِ لِي، وَلَكِنَّهُ تَرَكُّنِيٌّ وَدَخْلٌ إِلَى سَرِيرِ هَنَاءٍ
شَعَّرَتْ بِالْجُوعِ دَخَّلَتْ إِلَى الْمَطْبَخِ، أَبَحْثٌ عَمَّا أَكُلَّهُ ثُمَّ عَوَّدَتْ إِلَى غُرْفَتِي، أَحَاوَلَ أَنَّ اِسْتَذْكَرَ دُرُوسِيٌّ أَوْ أَلَعَبَ أَوْ أَتَابَعَ زَرْعَتُي، لِقَدٍّ أَصْبَحَ بِالْبَيْتِ واء وَمَعَهُ تَغَيَّرَتْ كُلُّ الْأَشْيَاءِ واء واء واء
حَرَكَاتِهِ الْقُوِّيَّةِ أَفْزَعَتْنِي فَصَحَوْتُ، وَقَدْ عَادَ لِتَوَّهَ أَبِي وَهُوَ يَحْمِلُ لِعَبَّتَيْنِ جَدِيدَتَيْنِ، لِي وَلِعَلَاءٍ فَتَعَانُقِنَا، وَجَرِّيَّنَا نَاحِيَتَهُ وَاِحْتَضَنَاهُ فَقَبَّلَنَا بَيْنَمَا أُمِّيُّ قَدْ أَعُدْتُ لَنَا وَجْبَةُ الْغِذَاءِ، وَلَمْ نَسْمَعْ فِي الْبَيْتِ أي
واء.

تعليقات
إرسال تعليق
أهلا ومرحبا بكم زائرنا الكريم نتمنى ان يكون محتوى المجلة قد نال إعجابك نشكرك ونتمنى زيارتنا مرة أخرى
الأديب الدكتور
موسى نجيب موسى